إذا كان بانون يضع استراتيجية الحرب، وكارلسون يحلل مسارها، فإن كانديس أوينز هي الجندي الذي يقاتل في الخنادق الأمامية لـ “الحرب الثقافية” يومياً. هي ليست مجرد معلّقة، بل هي ظاهرة تمثل “الجسر” الذي يربط بين اليمين السياسي واليمين الديني، وتجسد الهجوم المضاد على كل ما يعتبره “معسكر الولاء” تهديداً للهوية التقليدية.
1. اللمحة التاريخية والمهنية: رحلة التحول الدراماتيكي
مسيرة كانديس أوينز هي قصة “تحول” أيديولوجي، وهو ما يمثل جزءاً كبيراً من قوة سرديتها:
- البدايات: في بداية مسيرتها، كانت أوينز تدير مدونة ذات ميول ليبرالية تنتقد المحافظين والرئيس ترامب.
- نقطة التحول: القصة التي ترويها دائماً هي تعرضها للتنمر الإلكتروني من قبل مجموعات يسارية، مما جعلها تشعر بالخيانة وتكتشف ما تراه “الوجه الحقيقي” للتقدمية. هذا التحول الدراماتيكي يمنحها سردية “التائب العائد”، وهي سردية قوية جداً.
- الصعود: بعد تحولها، تبنتها الحركة المحافظة بسرعة. برزت كنجمة في منظمة “Turning Point USA” بجانب تشارلي كيرك، وأطلقت حركة “Blexit” (اختصاراً لـ Black Exit)، التي تهدف إلى إقناع الأمريكيين من أصل أفريقي بالخروج من الحزب الديمقراطي.
- التمكين: أصبحت واحدة من أهم الأصوات في شبكة “ديلي واير” (The Daily Wire)، وهي إحدى أقوى الإمبراطوريات الإعلامية المحافظة في العالم، مما منحها منصة يومية للوصول إلى الملايين.
2. القدرات الاستراتيجية: “صوت الداخل المتمرد”
قوة أوينز الاستراتيجية تأتي من قدرتها على لعب دور فريد لا يستطيعه معظم المحافظين:
- “صوت الداخل المتمرد”: كإمرأة سوداء، فإن هجومها على مفاهيم مثل “العنصرية المنهجية” و”حركة حياة السود مهمة” له تأثير مدمر. هي تمنح اليمين “الدرع” الذي يحميه من تهمة العنصرية، وتقدم نفسها كدليل حي على أن “ثقافة الضحية” هي مجرد كذبة.
- إتقان “فن الاستفزاز”: هي بارعة في صناعة اللحظات الإعلامية الصادمة والمثيرة للجدل، سواء في جلسات استماع الكونغرس، أو في مناظراتها في الجامعات. هي تفهم تماماً أن “اقتصاد الانتباه” في العصر الرقمي يكافئ المحتوى الأكثر جرأة واستفزازاً.
3. الخلفية العقدية: الدفاع عن “النظام الطبيعي”
عقيدة أوينز هي محافظة اجتماعية ودينية في جوهرها. هي لا تناقش الاقتصاد أو السياسة الخارجية بنفس القدر الذي تناقش به “الحرب على الأسرة” و”الحرب على الهوية”.
- سرديتها: “مشاكل أمريكا ليست سياسية، بل هي روحية وأخلاقية. هناك هجوم ممنهج من اليسار على ‘النظام الطبيعي’ الذي خلقه الله: الأسرة المكونة من رجل وامرأة، الفروق الطبيعية بين الجنسين، والقيم المسيحية. ومهمتنا هي الدفاع عن هذا النظام”.
- الجسر: بهذا الخطاب، هي تربط بشكل مباشر بين الأجندة السياسية لـ “أمريكا أولاً” والأجندة الروحية لـ “اليمين الديني”.
4. مفكرة أم سياسية أم بوق؟ “المحاربة الثقافية”
كانديس أوينز ليست مفكرة تنتج أفكاراً جديدة، وليست سياسية تسعى لمنصب. إنها “المحاربة الثقافية” (The Culture Warrior) بامتياز.
- دورها: إذا كان تاكر كارلسون يحلل “الحرب الكبرى” من منظور استراتيجي، فإن أوينز تخوض “المعارك اليومية” الصغيرة. هي من يتصدى للنقاش حول النسوية، والعرق، والهوية الجنسية، والإجهاض. هي تترجم الاستراتيجيات الكبرى إلى قضايا حياتية تلامس هموم جمهورها بشكل مباشر.
الخلاصة: تمثل كانديس أوينز الجانب الأكثر عدوانية وشعبية في “الحرب الثقافية”. هي القوة التي تحول “الطوفان” من مجرد صراع سياسي إلى معركة يومية على القيم والهوية والأسرة والدين. تأثيرها لا يقل عن تأثير بانون أو كارلسون، لأنها تخاطب “قلب” القاعدة المحافظة، وليس فقط “عقلها”.