الفترة المشمولة بالرصد: 15 سبتمبر 2025 إلى 16 أكتوبر 2025

1. مقدمة تنفيذية

شهدت فترة الرصد الحالية تحولاً نوعياً في الصراع الداخلي الذي يعصف بالمجتمع اليهودي الأمريكي، حيث انتقل الصراع من مرحلة الاستقطاب الأيديولوجي الحاد إلى مرحلة “الحرب المؤسسية المفتوحة”. إن أحداث هذا الشهر، التي تزامنت مع الذكرى الثانية لهجوم 7 أكتوبر، لم تعد مجرد مؤشرات على انقسام قادم، بل هي تجسيد فعلي لسيناريو “الانشقاق الكبير” 1 الذي يتخذ شكلاً رسمياً وملموساً. لقد تميزت هذه الفترة بثلاثة تحولات استراتيجية كبرى:

أولاً، “قوننة الانشقاق”، حيث قامت منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” (JVP) بإعادة هيكلة نفسها قانونياً لتتحول إلى منظمة سياسية من فئة (c)(4) قادرة على خوض العمل السياسي المباشر.2 هذه الخطوة تمثل إعلاناً رسمياً عن بناء آلة سياسية مضادة وموازية لـ AIPAC، مما ينقل الصراع من الشارع إلى صناديق الاقتراع بشكل منهجي.

ثانياً، “حرب التصنيفات” في ساحة الجامعات، مع صدور تقرير “هيئة التدريس تحت النار” (Faculty Under Fire) المشترك بين رابطة مكافحة التشهير (ADL) وشبكة المشاركة الأكاديمية (AEN).3 هذا التقرير، الذي يزعم أن أعضاء هيئة التدريس هم المحرك الرئيسي لمعاداة السامية في الحرم الجامعي، هو سلاح أيديولوجي جديد يهدف إلى نزع الشرعية عن الحاضنة الفكرية لـ “معسكر العدالة الكونية” وتبرير حملات “التطهير” القانونية والإدارية ضدهم.1

ثالثاً، “الانهيار النهائي للوسط”، والذي تجسد في اللحظة الأكثر دراماتيكية خلال فترة الرصد: اعتراف جيريمي بن عامي، رئيس منظمة “جي ستريت” (J Street)، بأنه “اقتنع بالحجج القانونية والعلمية بأن المحاكم الدولية ستجد يوماً ما أن إسرائيل قد انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية”.4 هذا التصريح ليس مجرد تحول في الموقف، بل هو انهيار للسردية الأساسية لـ “الصهيونية الليبرالية” 1، وإعلان عن أن المركز لم يعد قادراً على الصمود فكرياً أو أخلاقياً.

إن الأثر التراكمي لهذه التطورات هو تسارع هائل في بناء جدران مؤسسية وثقافية وقانونية تفصل بين المعسكرين. لم يعد الصراع يدور حول تفسير القيم اليهودية، بل حول من يملك الحق في تعريفها ومن يتم تصنيفه كخارج عنها. إننا نشهد ولادة نظامين بيئيين يهوديين منفصلين ومتنافسين، لكل منهما أدواته السياسية، ومؤسساته الفكرية، وسردياته المتضادة، مما يجعل المصالحة تبدو أبعد من أي وقت مضى.

2. أبرز تحركات الفاعلين والمؤسسات

يحلل هذا القسم التحركات الاستراتيجية التي تعكس تصلب المواقف والانتقال إلى مرحلة المواجهة المؤسسية المباشرة.

فاعل معسكر العدالة الكونية: JVP – من الحراك إلى بناء الآلة السياسية

في خطوة استراتيجية بالغة الأهمية، أعلنت منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” (JVP) أنها ستنتقل رسمياً في 15 أكتوبر 2025 لتصبح منظمة عضوية تعمل تحت التصنيف القانوني 501(c)(4).2 هذا التحول التقني ليس مجرد تغيير إداري، بل هو إعلان عن ولادة آلة سياسية جديدة مصممة لخوض “حرب المواقع” 1 بشكل مباشر في الساحة الانتخابية والتشريعية. فبينما كانت المنظمة تركز تاريخياً على العصيان المدني والاحتجاجات الشعبية 6، فإن هذا الهيكل الجديد يمنحها القدرة على الانخراط في أنشطة ضغط سياسي غير محدودة وتمويل الحملات الانتخابية، مما يضعها في مسار تصادمي مباشر مع آلة AIPAC.

تأتي هذه الخطوة في سياق تعرض المنظمة لهجوم مزدوج: من جهة، تواجه استهدافاً من قبل خصومها عبر حملات مثل “مشروع إستير” (Project Esther) الذي يهدف إلى “تشويه سمعتها وتجفيف تمويلها وتفكيكها”.2 ومن جهة أخرى، يتم تصنيفها من قبل الإدارة الأمريكية الحالية ضمن قائمة الجماعات الليبرالية التي يجب التحقيق معها، مما يضعها تحت ضغط حكومي غير مسبوق.8 إن قرار التحول إلى منظمة (c)(4) هو رد فعل دفاعي وهجومي في آن واحد. إنه يوفر للمنظمة درعاً قانونياً أقوى لمواجهة هذه الهجمات، وفي نفس الوقت يمنحها سيفاً لخوض المعركة السياسية بشروطها الخاصة. وبهذا، تؤسس JVP البنية التحتية المؤسسية لـ “الانشقاق الكبير”، وتؤكد أنها لا تسعى فقط لتغيير الخطاب، بل لبناء قوة سياسية بديلة قادرة على المنافسة على السلطة.

فاعل معسكر الولاء القومي: AIPAC – من التطهير المستهدف إلى الحرب الشاملة

تواصل لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) تصعيد استراتيجيتها لـ “التطهير والانكفاء” 1 داخل الحزب الديمقراطي، حيث تخطط لإنفاق 100 مليون دولار خلال الدورة الانتخابية الحالية.9 لم يعد هذا الإنفاق مجرد تكتيك انتخابي، بل أصبح حرباً مالية شاملة تهدف إلى القضاء على أي صوت تقدمي ينتقد إسرائيل. ويتجلى هذا في الإنفاق الهائل الذي تم توجيهه لهزيمة النائب جمال بومان، وفي استهداف شخصيات بارزة أخرى مثل النائبة كوري بوش، التي أنفق “مشروع الديمقراطية المتحدة” (UDP) التابع لـ AIPAC ما يقرب من 1.9 مليون دولار لدعم منافسها.9

هذه الاستراتيجية، وإن حققت نجاحات في بعض السباقات، إلا أنها تأتي بتكلفة استراتيجية باهظة. فمن خلال تحويل الانتخابات التمهيدية الديمقراطية إلى ساحات معارك بملايين الدولارات، تدفع AIPAC الحزب الديمقراطي نحو مزيد من الانقسام، وتجبر العديد من التقدميين على رفض دعمها المالي بشكل علني.9 إنها تضحي بمبدأ “دعم الحزبين” التاريخي مقابل فرض الانضباط قصير المدى. هذا التحول من “هندسة الإقناع” إلى “فرض الولاء بالقوة المالية” 1 هو اعتراف ضمني بأن “الهدنة الكبرى” قد انهارت، وأن المعسكر لم يعد قادراً على الحفاظ على الإجماع إلا من خلال استئصال المعارضة، مما يسرّع بدوره عملية “الانشقاق الكبير” التي يسعى لتجنبها.

فاعل الوسط المنهار: J Street – انهيار السردية الليبرالية

شهدت هذه الفترة اللحظة التي يمكن اعتبارها الانهيار الرمزي لـ “سردية الحلم الليبرالي المفقود”.1 ففي تحول جذري، أعلن رئيس “جي ستريت”، جيريمي بن عامي، أنه لم يعد قادراً على الدفاع عن الموقف القائل بأن إسرائيل لا ترتكب إبادة جماعية، وصرح بأنه “اقتنع بالحجج القانونية والعلمية بأن المحاكم الدولية ستجد يوماً ما أن إسرائيل قد انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية”.4 هذا الاعتراف من زعيم أكبر منظمة صهيونية ليبرالية يمثل زلزالاً فكرياً. إنه يعني أن “الوسط” لم يعد قادراً على التمسك بسرديته التي تحاول التوفيق بين دعم إسرائيل والقيم الليبرالية.

يأتي هذا التحول بعد أشهر من الصراع الداخلي الحاد في المنظمة، حيث أدت مواقفها الأولية الداعمة للحرب إلى استقالات في صفوف موظفيها وتآكل مصداقيتها لدى قاعدتها الشبابية.10 إن تصريح بن عامي هو محاولة يائسة للحاق بـ “الطوفان الثقافي” الذي جرف قاعدته، لكنه يأتي متأخراً جداً. فبالنسبة لـ “معسكر الولاء”، هذا التصريح هو دليل خيانة نهائي يؤكد أن “جي ستريت” كانت دائماً “معادية لإسرائيل”.11 وبالنسبة لـ “معسكر العدالة”، هو اعتراف متأخر بالواقع الذي كانوا يتحدثون عنه منذ البداية.4 وبهذا، تجد “جي ستريت” نفسها وقد فقدت شرعيتها لدى كلا الطرفين، مما يؤكد أن المساحة المتاحة لـ “صهيونية ليبرالية” قد تلاشت تماماً، وأن “الوسط المنهار” لم يعد مجرد نظرية، بل أصبح حقيقة مؤسسية.

3. مؤشرات من الساحة الدينية: إدارة الصراع الداخلي

يبحث هذا القسم في كيفية تجلي الصراع الأيديولوجي داخل المجال الديني، مما يؤدي إلى تفتيت مصادر السلطة التقليدية.

المؤشر الأول: الحاخامية الوسطية تحت الحصار

تجسد مقالة في صحيفة The Forward بمناسبة رأس السنة العبرية (سبتمبر 2025) الأزمة العميقة التي تواجهها الحاخامية غير الأرثوذكسية.12 يصف الكاتب المجتمع اليهودي بأنه تحول إلى “فرقة إعدام دائرية”، حيث يواجه الحاخامات هجوماً من كل الاتجاهات داخل تجمعاتهم. فهم ممزقون بين المناهضين للصهيونية من جهة، والصهاينة الليبراليين من جهة أخرى، أو بين المطالبين بإنهاء الحرب فوراً وصقور الحرب من جهة أخرى. إن أي موقف يتخذونه، أو حتى ترتيب الكلمات في خطبهم، يعرضهم لاتهامات بالخيانة أو التواطؤ في الإبادة الجماعية أو كراهية الذات.12 هذا الوضع يجعل من المستحيل على القيادة الدينية للتيار الوسطي (الإصلاحي والمحافظ) أن تلعب دورها التقليدي كعامل توحيد، ويحول المعابد إلى ساحات معارك مصغرة تعكس “الانشقاق الكبير” في المجتمع الأوسع.

المؤشر الثاني: المؤسسة الأرثوذكسية تربط معاداة السامية بنقد إسرائيل

على النقيض تماماً، يواصل الاتحاد الأرثوذكسي (OU) تبني “سردية البقاء والحصن” 1 بشكل لا لبس فيه. في بيان صدر في 3 أكتوبر 2025 تعليقاً على هجوم على كنيس في مانشستر بالمملكة المتحدة، صرح الاتحاد بأنه “حزين ولكنه غير مصدوم على الإطلاق”.13 والأهم من ذلك، أنه ربط الهجوم بشكل مباشر بما أسماه “التطبيع مع معاداة السامية وشيطنة إسرائيل من قبل المملكة المتحدة والحكومات الغربية الأخرى”. هذا الربط المباشر بين أي عمل معاد للسامية في الشتات وبين السياسات الحكومية التي تنتقد إسرائيل هو جوهر منطق “الحصن”. إنه يرسخ فكرة أن العالم معادٍ بطبيعته، وأن أي نقد لإسرائيل ليس مجرد خلاف سياسي، بل هو تحريض مباشر على العنف ضد اليهود في كل مكان، وبالتالي فإن أمنهم يعتمد على الولاء المطلق للدولة.

4. قراءات الأسبوع العميقة وتحليل الخطاب

يحلل هذا القسم نصوصاً رئيسية من هذه الفترة لفهم كيف يبني كل معسكر حججه ويفكك حجج خصمه.

القراءة (1): خطاب “الحصن” – مجلة Commentary وتصنيف المعارضة كخطر وجودي

  • المصدر: مقالات من عدد أكتوبر 2025 من مجلة Commentary.14
  • الخلاصة: تواصل المجلة، وهي المنصة الفكرية لـ “معسكر الولاء”، استراتيجيتها في تصنيف أي معارضة جذرية كتهديد وجودي. مقال بعنوان “The ZOG Horseshoe” يربط بشكل صريح بين “المتطرفين المناهضين لإسرائيل على اليمين واليسار” وبين “نظرية مؤامرة نازية جديدة”.14 هذا التكتيك الخطابي فعال للغاية لأنه يتجنب مناقشة جوهر النقد الموجه لإسرائيل، وبدلاً من ذلك يقوم بـ “تطهير” الناقدين عبر وضعهم في نفس الخانة مع النازيين الجدد، مما يجعل أي حوار معهم مستحيلاً.
  • الأهمية للرصد: يوضح هذا الخطاب كيف يقوم “معسكر الحصن” بضبط حدوده الأيديولوجية. فمن خلال استخدام أقوى سلاح رمزي (النازية)، فإنه لا يسعى لإقناع الخصم، بل لإلغاء شرعيته تماماً، وهو جزء أساسي من سيناريو “التطهير والانكفاء”.1

القراءة (2): خطاب “الطوفان” – Jewish Currents وبناء هوية يهودية بديلة

  • المصدر: مقالات ونقاشات من مجلة Jewish Currents (سبتمبر – أكتوبر 2025)15
  • الخلاصة: تركز المجلة، وهي المحرك الفكري لـ “معسكر العدالة”، على المهمة الصعبة المتمثلة في بناء هوية يهودية تقدمية قابلة للحياة خارج إطار الصهيونية. تناقش المقالات “المشكلة الشائكة المتمثلة في تطوير مجتمعات يهودية يسارية مضادة” يمكنها مقاومة “جاذبية الاندماج” دون الاعتماد على الصهيونية كمرساة للهوية.16 كما يتم التنقيب في التاريخ لإظهار أن معاداة الصهيونية اليسارية كانت في السابق “الفطرة السليمة اليهودية” قبل أن تصبح الصهيونية هي المهيمنة.15
  • الأهمية للرصد: هذا هو العمل التأسيسي لـ “الانشقاق الكبير”. فالمعسكر لا يكتفي بالاحتجاج، بل ينخرط في مشروع فكري عميق لبناء “نظام بيئي” ثقافي ولغوي ومجتمعي بديل وكامل، يوفر لليهود التقدميين “وطناً” وهوية خارج مؤسسات “الحصن”.

القراءة (3): السياق الاستراتيجي – تقارير CSIS حول تآكل التحالف

  • المصدر: تحليلات من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) (سبتمبر – أكتوبر 2025).17
  • الخلاصة: تقدم هذه التقارير تحليلاً واقعياً للعلاقة الأمريكية الإسرائيلية، مشيرة إلى تحولات استراتيجية كبرى في المنطقة. أبرزها هو أن دول الخليج “تنظر بشكل متزايد إلى إسرائيل، وليس إيران، على أنها التهديد الرئيسي للاستقرار الإقليمي”.17 كما تشير التقارير إلى أن استمرار الصراع يقوض الدعم للتحالف، خاصة بين الأمريكيين الأصغر سناً.1
  • الأهمية للرصد: يوفر هذا التحليل الخارجي دليلاً على أن “سردية البقاء والحصن” التي تروج لها AIPAC (القائمة على أن إسرائيل أصل استراتيجي لا غنى عنه) تتآكل ليس فقط داخلياً، بل أيضاً في حسابات حلفائها الإقليميين. هذا يضعف الموقف الاستراتيجي لـ “معسكر الولاء” على المدى الطويل.

5. مستجدات ساحات الصراع

يقدم هذا القسم تحديثاً مركزاً حول ساحتي المعركة الأكثر نشاطاً خلال هذه الفترة.

الجامعات: “حرب التصنيفات” ضد هيئة التدريس

دخل الصراع في الحرم الجامعي مرحلة جديدة مع نشر تقرير “هيئة التدريس تحت النار” (Faculty Under Fire) في سبتمبر 2025، وهو تقرير مشترك بين رابطة مكافحة التشهير (ADL) وشبكة المشاركة الأكاديمية (AEN).3 يمثل هذا التقرير تصعيداً استراتيجياً خطيراً من قبل “معسكر الحصن”. فبدلاً من التركيز على الحراك الطلابي، يوجه التقرير الاتهام مباشرة إلى “أعضاء هيئة التدريس والموظفين” باعتبارهم “المصادر الرئيسية لمعاداة السامية في الحرم الجامعي”.3 ويزعم التقرير أن 73.2% من أعضاء هيئة التدريس اليهود الذين شملهم الاستطلاع أفادوا بأنهم لاحظوا أنشطة أو تصريحات معادية لليهود من قبل زملائهم من أعضاء هيئة التدريس أو الإداريين.3

هذه ليست مجرد دراسة أكاديمية، بل هي أداة سياسية مصممة لتحقيق هدفين. أولاً، توفير “البيانات” والغطاء الفكري لتبرير حملة الضغط القانوني المستمرة عبر شكاوى “الباب السادس” (Title VI) ضد الجامعات.19 ثانياً، نزع الشرعية عن الحاضنة الفكرية لـ “معسكر العدالة” 1 عبر إعادة تصنيف النقد الأكاديمي لإسرائيل على أنه “بيئة عمل معادية” لأعضاء هيئة التدريس اليهود. إنها محاولة لـ “تطهير” الأوساط الأكاديمية من الأصوات الناقدة ليس عبر النقاش، بل عبر استخدام أدوات قانونية وإدارية. هذا التكتيك، وإن كان قد يخلق “تأثيراً رادعاً” على المدى القصير، فإنه يرسخ الانقسام ويحول النقاش حول حرية التعبير إلى معركة على الحقوق المدنية.

الإعلام والثقافة: انشقاق هوليوود الرسمي

شهد شهر سبتمبر 2025 انقساماً علنياً ورسمياً في هوليوود، مما يمثل اختراقاً كبيراً لـ “معسكر الطوفان” في واحدة من أهم ساحات “حرب المواقع” الثقافية.1 ففي 9 سبتمبر، وقع أكثر من 5,000 من العاملين في صناعة السينما، بمن فيهم نجوم من الصف الأول مثل خواكين فينيكس ومارك روفالو وإيما ستون، على رسالة مفتوحة تعهدوا فيها بمقاطعة المؤسسات السينمائية الإسرائيلية.20 ورداً على ذلك، أصدرت منظمة “مجتمع المبدعين من أجل السلام” (CCFP) في 26 سبتمبر رسالة مضادة وقعها أكثر من 1,200 شخصية، من بينهم لايف شرايبر ومايم بياليك، تدين المقاطعة وتصفها بأنها “دعاية معادية للسامية”.20

إن وجود “رسالتين مفتوحتين متضادتين” هو التجسيد المادي لـ “الانشقاق الكبير”. لم يعد من الممكن الحديث عن “مجتمع هوليوود” ككتلة واحدة. الأهم من ذلك هو تحليل قائمة الموقعين: فرسالة المقاطعة تضم عدداً أكبر بكثير من النجوم الحاليين والمبدعين الشباب، بينما تعتمد الرسالة المضادة بشكل أكبر على المديرين التنفيذيين والشخصيات المؤسسية. هذا يكشف أن الانقسام ليس سياسياً فحسب، بل هو أيضاً انقسام جيلي، حيث يفقد “معسكر الحصن” سيطرته على الجيل الجديد من صانعي المحتوى الثقافي.

6. التحليل الاستراتيجي وتقييم السيناريوهات

يجمع هذا القسم كل نقاط البيانات المذكورة أعلاه لتقييم مسار الفترة مقابل السيناريوهات المستقبلية المحتملة الثلاثة.

  • التقييم: تدفع أحداث هذه الفترة المجتمع اليهودي الأمريكي بقوة وبشكل لا لبس فيه نحو سيناريو “الانشقاق الكبير”.1 إن كل مؤشر رئيسي، من السياسة إلى الثقافة والأوساط الأكاديمية، يؤكد على تشكل هياكل مؤسسية منفصلة ومتنافسة، وليس على نجاح أحد المعسكرين في سحق الآخر أو إصلاحه.
  • التبرير:
    • الانشقاق السياسي والمؤسسي: إعادة هيكلة JVP كمنظمة (c)(4) 2 هي الخطوة الأكثر حسماً نحو بناء آلة سياسية بديلة. لم يعد الأمر مجرد احتجاج، بل هو بناء مؤسسي طويل الأمد.
    • الانشقاق الفكري: تصريح رئيس “جي ستريت” بشأن “الإبادة الجماعية” 4 يمثل انهياراً فكرياً لـ “الوسط”، مما يلغي أي إمكانية لوجود جسر بين المعسكرين.
    • الانشقاق الثقافي: “حرب الرسائل المفتوحة” في هوليوود 20 هي إعلان عام عن الانقسام، مما يضفي طابعاً رسمياً على وجود معسكرين ثقافيين لا يمكن التوفيق بينهما.
    • الانشقاق الأكاديمي: تقرير ADL/AEN الذي يستهدف هيئة التدريس 3 ليس محاولة للحوار، بل هو أداة لترسيم الحدود وتصنيف جزء كبير من الأوساط الأكاديمية كـ “عدو”، مما يعمق الشرخ بدلاً من رأبه.
  • جدول: المؤشرات الرئيسية والمتجه الاستراتيجي
المؤشرتحرك معسكر الولاءتحرك معسكر العدالةالمتجه الاستراتيجي
السياسي/المؤسسيAIPAC تواصل حربها المالية 9JVP تتحول إلى منظمة (c)(4) 2 الانشقاق
الثقافيرسالة هوليوود المضادة للمقاطعة 205000+ من العاملين في هوليوود يوقعون على المقاطعة 20 الانشقاق
الأكاديميADL/AEN تصدران تقريراً يستهدف هيئة التدريس 3الحراك الطلابي والأكاديمي يواصل تحدي الرواية الرسمية الانشقاق
الأيديولوجيCommentary تصنف المعارضة كـ “نازية جديدة” 14رئيس J Street يتبنى لغة “الإبادة الجماعية” 5 الانشقاق
  • الخلاصة: إن استراتيجيات “التطهير” التي يتبعها “معسكر الحصن” تأتي بنتائج عكسية. فبدلاً من إخضاع المعارضة، فإنها تدفعها إلى بناء مؤسسات أكثر قوة واستقلالية، وتجبر “الوسط” على الانحياز، مما يسرّع عملية التبلور النهائي لمعسكرين منفصلين ومتعاديين.

7. توصية للمرحلة القادمة من الرصد

  • نقطة التركيز 1: تداعيات انهيار “جي ستريت”. إن تصريح جيريمي بن عامي هو حدث مفصلي. السؤال الآن هو كيف ستستجيب المنظمة نفسها وقاعدتها لهذا التحول. التوصية: رصد أي انقسامات داخلية أو استقالات في صفوف “جي ستريت”. مراقبة ما إذا كانت المنظمة ستتبنى هذا الموقف الجديد رسمياً في سياساتها، وكيف سيؤثر ذلك على علاقتها بالسياسيين الديمقراطيين الذين كانت تدعمهم. هل سيؤدي هذا إلى هجرة جماعية من “جي ستريت” إلى JVP، أم إلى محاولة لإعادة بناء “وسط” جديد؟

نقطة التركيز 2: الأثر العملي لتقرير ADL/AEN. لقد تم إطلاق السلاح الأيديولوجي الجديد. الآن يجب مراقبة كيفية استخدامه على الأرض. التوصية: تتبع ما إذا كانت إدارات الجامعات أو المشرعون سيستشهدون بتقرير “هيئة التدريس تحت النار” بشكل مباشر لتبرير إجراءات تأديبية ضد أعضاء هيئة التدريس أو لفرض قيود جديدة على الحرية الأكاديمية. سيكون هذا هو المقياس الحقيقي لنجاح هذه الاستراتيجية الجديدة في “حرب التصنيفات”.