1. مقدمة تنفيذية
تميزت فترة الرصد الحالية، التي أعقبت مباشرة اتفاق وقف إطلاق النار وعودة الرهائن، بتحول الصراع الداخلي في المجتمع اليهودي الأمريكي من مرحلة المواجهة المباشرة إلى مرحلة “حرب الخنادق المؤسسية”. فبدلاً من أن يؤدي وقف القتال إلى تهدئة، فقد أتاح لكل معسكر فرصة لإعادة التموضع وتكريس جهوده لترسيخ رؤيته لـ “اليوم التالي”، مما عمّق الانقسام بدلاً من رأبه. وقد تجلى هذا التحول عبر ثلاثة اتجاهات رئيسية:
أولاً، “تسليح القانون” كأداة مركزية في “حرب المواقع”. تمثل الإعلان عن إطلاق “شبكة العمل القانوني” (Legal Action Network) من قبل رابطة مكافحة التشهير (ADL) بالتعاون مع شركة المحاماة العملاقة “جيبسون دان” في 29 أكتوبر ، تصعيداً استراتيجياً هائلاً من قبل “معسكر الولاء القومي”. هذه الخطوة تنقل المعركة في الجامعات من ساحة التقارير والضغط الإعلامي إلى بناء آلة قانونية وطنية ضخمة تهدف إلى “تطهير” الخطاب النقدي عبر التقاضي الممنهج، وهو ما يمثل تجسيداً مؤسسياً لسيناريو “الانشقاق الكبير”.
ثانياً، “معركة سردية ما بعد الحرب”. فبينما يصور “معسكر الولاء” نهاية الحرب كانتصار استراتيجي تحقق بفضل القوة ، ويضغط لتمرير تمويل عسكري غير مسبوق عبر قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) لضمان “التفوق العسكري النوعي” ، يصور “معسكر العدالة” الاتفاق على أنه مجرد آلية لـ “ترسيخ سلب الأراضي الفلسطينية” 5، ويواصل حشد طاقاته نحو إنهاء الدعم الأمريكي لإسرائيل.6 أما “الوسط المنهار”، ممثلاً في “جي ستريت”، فيجد نفسه في موقف حرج، حيث يرحب بوقف إطلاق النار ولكنه يحذر من أن السلام لن يدوم في ظل الحكومة الحالية.7
ثالثاً، “إعادة التموضع التنظيمي”. إن انتقال منظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” (JVP) رسمياً إلى هيكل (c)(4) في 15 أكتوبر ، عشية فترة الرصد، يؤكد أن المعسكر التقدمي لا يكتفي بالاحتجاج، بل يبني أدواته السياسية الخاصة لخوض المعركة على المدى الطويل، مما يكرس واقع وجود نظامين بيئيين سياسيين يهوديين متوازيين ومتنافسين.
إن أحداث هذه الفترة تؤكد أن وقف إطلاق النار لم يحل الأزمة الداخلية، بل نقلها إلى ساحات جديدة وأكثر تعقيداً. لقد انتقل الصراع من الشارع إلى قاعات المحاكم وأروقة الكونغرس، ومن النقاش حول الحرب إلى المعركة على تعريف السلام، مما يدفع المجتمع بقوة نحو ترسيخ “الانشقاق الكبير” 1 كواقع مؤسسي دائم.
2. أبرز تحركات الفاعلين والمؤسسات
يحلل هذا القسم كيف استغل كل فاعل نهاية الأعمال العدائية لتعزيز موقعه الاستراتيجي في “حرب المواقع” طويلة الأمد.
فاعل معسكر الولاء القومي: AIPAC – من التعبئة للحرب إلى هندسة “سلام القوة”
مع توقف القتال، حولت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (AIPAC) تركيزها فوراً من دعم المجهود الحربي إلى ضمان التفوق العسكري الإسرائيلي في مرحلة ما بعد الحرب. وتجلى ذلك في حملة الضغط المكثفة التي قادتها لتمرير “قانون تفويض الدفاع الوطني” (NDAA) للسنة المالية 2025، والذي يتضمن حزمة مساعدات تاريخية لإسرائيل. تشمل الحزمة 500 مليون دولار لبرامج الدفاع الصاروخي (القبة الحديدية، مقلاع داوود، آرو)، و80 مليون دولار للتعاون في مكافحة الأنفاق، و47.5 مليون دولار للتقنيات الدفاعية الناشئة، بالإضافة إلى بنود تفرض تعاوناً عسكرياً واستخباراتياً في مجالات الفضاء ومواجهة الطائرات بدون طيار الإيرانية.4
هذا التحرك يوضح استراتيجية “معسكر الحصن” 1 لمرحلة ما بعد الحرب: فالسلام، من منظورهم، لا يتحقق عبر التنازلات السياسية، بل عبر فرض “سلام قائم على القوة” يضمن التفوق العسكري المطلق لإسرائيل. إن تركيز AIPAC على تمرير هذه البنود التشريعية هو تجسيد لـ “سردية البقاء والحصن” 1 التي ترى أن القوة هي الضمانة الوحيدة للأمن. وفي موازاة ذلك، تواصل AIPAC حشد قاعدتها الشعبية عبر حملات “اتخاذ إجراء” (TAKE ACTION) التي تحث الأعضاء على مطالبة نوابهم بدعم المساعدات الأمنية لإسرائيل 9، مما يؤكد أن الآلة المؤسسية تعمل بكامل طاقتها لترسيخ مكتسبات الحرب في بنية القانون والميزانية الأمريكية.
فاعل معسكر العدالة الكونية: JVP – من وقف إطلاق النار إلى “النضال من أجل التحرير الكامل”
بالنسبة لمنظمة “الصوت اليهودي من أجل السلام” (JVP)، لم يمثل وقف إطلاق النار نهاية المعركة، بل بداية مرحلة جديدة. فمع انتقالها رسمياً في 15 أكتوبر إلى هيكلها القانوني الجديد كمنظمة (c)(4) تحت اسم “JVP Action” 8، بدأت المنظمة في إعادة توجيه خطابها من المطالبة بوقف الحرب إلى “النضال الأعمق والأكثر صرامة نحو التحرير الكامل والمساءلة وتقرير المصير والعدالة للفلسطينيين”.10
تواصل المنظمة وذراعها السياسي حشد أنصارهما للمطالبة بوقف تسليح إسرائيل ودعم تشريعات مثل “قانون منع القنابل”.6 وفي بياناتها، تصف المنظمة العامين الماضيين بأنهما “جحيم على الأرض: عامان من الإبادة الجماعية” 8، مما يؤكد أنها ترفض تماماً سردية “النصر” التي يروج لها المعسكر الآخر. إن إعادة التموضع هذه، من حركة احتجاجية إلى منظمة سياسية تسعى لتغيير السياسة الأمريكية بشكل جذري، هي الخطوة الأكثر دلالة على أن “معسكر العدالة” 1 يبني مؤسساته الخاصة لـ “حرب مواقع” طويلة الأمد، مما يكرس واقع “الانشقاق الكبير” 1 على الساحة السياسية.
فاعل الوسط المنهار: J Street – البحث عن دور في “اليوم التالي”
تجد منظمة “جي ستريت” (J Street) نفسها في موقف معقد في أعقاب وقف إطلاق النار. فمن جهة، ترحب المنظمة بالاتفاق وتعتبره خطوة حيوية 7، لكنها في الوقت نفسه تحذر من أن السلام لن يكون دائماً ما لم يتم استبدال حكومة نتنياهو والتحرك نحو حل سياسي شامل. يجادل رئيس السياسات في المنظمة، إيلان غولدنبرغ، بأن إسرائيل تواجه الآن خياراً بين “مضاعفة الاحتلال” أو “البدء في بناء مسار نحو مستقبل مختلف”.
هذا الموقف يعكس مأزق “الوسط المنهار”: فهو يحاول التمسك بـ “سردية الحلم الليبرالي المفقود” 1 التي تدعو إلى حل الدولتين، لكنه يفتقر إلى النفوذ الكافي لفرضه على “معسكر الولاء” الذي يرفضه، ويبدو معتدلاً جداً بالنسبة لـ “معسكر العدالة” الذي تجاوزه. وتتجلى هذه المحاولة للعب دور في مشاركة رئيس المنظمة، جيريمي بن عامي، كمندوب في “المؤتمر الصهيوني العالمي” في 28 أكتوبر ، مما يشير إلى استمرار محاولاتهم للتأثير من داخل المؤسسة الصهيونية، حتى مع تآكل أرضيتهم بشكل متسارع.
3. مؤشرات من الساحة الدينية: إدارة الصراع الداخلي
يبحث هذا القسم في كيفية تعاطي التيارات الدينية المختلفة مع واقع ما بعد الحرب، مما يعكس الانقسام الأيديولوجي العميق.
المؤشر الأول: الحاخامية التقدمية تحتفل بالسلام وتحذر من الطريق الطويل
رحبت منظمة “ترواه” (T’ruah)، التي تمثل الصوت الرائد للحاخامية التقدمية، بوقف إطلاق النار وعودة الرهائن في بيان صدر في 13 أكتوبر.12 لكنها سارعت إلى التحذير من أن “هناك طريقاً طويلاً أمامنا لتحقيق العدالة الحقيقية للفلسطينيين والإسرائيليين”، وأكدت التزامها بـ “السعي إلى حل سياسي تفاوضي عادل”.12 هذا الموقف المزدوج – الاحتفال بإنهاء العنف مع التأكيد الفوري على أن القضية الأساسية (الاحتلال) لم تُحل بعد – هو جوهر “سردية التحرر والمسؤولية”.1 إنه يرفض رؤية وقف إطلاق النار كانتصار عسكري، ويعيد تأطيره كفرصة للبدء في العمل الأخلاقي الأصعب.
المؤشر الثاني: المؤسسة الأرثوذكسية تؤطر وقف إطلاق النار كمناسبة للشكر الإلهي
على النقيض تماماً، أصدر الاتحاد الأرثوذكسي (OU) بياناً في 9 أكتوبر يصف فيه الاتفاق بأنه “يوم مفعم بالأمل”، ويعرب عن امتنانه “للقادر على كل شيء” وللإدارة الأمريكية على “وضوحها الأخلاقي في دعم خير إسرائيل والتزامها بالقضاء على شر حماس”.هذا الخطاب يجسد “سردية البقاء والحصن” ، حيث يتم تأطير الحدث بلغة دينية قومية ترى في النتيجة تدخلاً إلهياً ونصراً للخير على الشر. ويتجلى هذا المنظور أيضاً في مقال نُشر في 16 أكتوبر بمناسبة يوم الغفران (Yom Kippur)، والذي يركز على موضوع “إبقاء العين على السماء” والخضوع للحكم الإلهي 14، مما يعزز رؤية عالمية يكون فيها الولاء لله وللأمة هو القيمة العليا.
4. قراءات الأسبوع العميقة وتحليل الخطاب
يحلل هذا القسم نصوصاً رئيسية من هذه الفترة لفهم كيف يبني كل معسكر سرديته لواقع ما بعد الحرب.
القراءة (1): خطاب “الحصن” – مجلة Commentary وإعلان “النصر”
- المصدر: مقالات وبودكاست من مجلة Commentary (أكتوبر 2025)
- الخلاصة: تكرس المجلة، وهي المنصة الفكرية لـ “معسكر الولاء”، خطابها لتأطير نهاية الحرب على أنها “نصر” لا لبس فيه. بودكاست بعنوان “لماذا لم يكن لدى إسرائيل خيار سوى الفوز” يجادل بأن بقاء إسرائيل يعتمد على مثل هذه الانتصارات، ويهاجم “اليهود الخونة الذين يهاجمونها”. مقال آخر بعنوان “مرثية للديمقراطي المؤيد لإسرائيل” يحلل كيف أصبح الحزب الديمقراطي معادياً لإسرائيل.
- الأهمية للرصد: هذا الخطاب حاسم لأنه يوضح استراتيجية “معسكر الحصن” في مرحلة ما بعد الحرب: ترسيخ سردية النصر، وتصنيف أي نقد داخلي كخيانة، وإعادة تعريف المشهد السياسي على أنه معركة بين مؤيدين حقيقيين وأعداء. هذا هو منطق “التطهير والانكفاء” مطبقاً على الساحة الفكرية.
القراءة (2): خطاب “الطوفان” – Jewish Currents وتفكيك “النصر”
- المصدر: مقال تحليلي بقلم بيتر بينارت في مجلة Jewish Currents (14 أكتوبر 2025).
- الخلاصة: يقدم بينارت تحليلاً مضاداً تماماً، حيث يجادل بأن “صفقة ترامب لا تدمر حماس ولكنها تعزز سلب الأراضي الفلسطينية”. يوضح المقال كيف أن الاتفاق، رغم عودة الرهائن، يترك لإسرائيل السيطرة المباشرة على ما لا يقل عن 40% من قطاع غزة، مما يحول هذا الجزء إلى ما يعادل “المنطقة ج” في الضفة الغربية، ويجعل إعادة الإعمار شبه مستحيلة.
- الأهمية للرصد: هذا التحليل هو المحرك الفكري لـ “معسكر العدالة” في مرحلة ما بعد الحرب. إنه يوفر الحجج والبيانات لتحدي سردية “النصر” وتصويرها على أنها مجرد غطاء لمرحلة جديدة من الاحتلال والسيطرة. هذه هي “حرب المواقع” 1 في أوضح صورها، حيث يتم تفكيك السردية المهيمنة وإعادة تعريف الواقع من منظور مضاد.
القراءة (3): السياق الاستراتيجي – تقارير CSIS ومعهد Hudson
- المصدر: تحليلات من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) ومعهد هدسون (أكتوبر 2025).
- الخلاصة: تقدم هذه المراكز البحثية رؤى متباينة. CSIS يركز على الديناميكيات الدبلوماسية للاتفاق ودور إدارة ترامب في تشكيل “نظام إقليمي ناشئ”. أما معهد هدسون، فيقدم تحليلاً يتماشى مع “معسكر الحصن”، حيث يجادل مايكل دوران بأن التحالف الأمريكي الإسرائيلي لا يقوم على “التلاعب” من قبل اللوبي، بل على “القوة اليهودية” التي جعلت التحالف قوياً.
- الأهمية للرصد: يوفر هذا التحليل خط أساس استراتيجي. تحليل CSIS يوضح الإطار الجيوسياسي الذي يعمل ضمنه الفاعلون، بينما يؤكد تحليل معهد هدسون على السردية الأساسية لـ “معسكر الولاء”: أن القوة هي أساس العلاقة، وهو ما يبرر استراتيجيتهم المتمحورة حول التفوق العسكري.
5. مستجدات ساحات الصراع
يقدم هذا القسم تحديثاً مركزاً حول ساحتي المعركة الأكثر نشاطاً خلال هذه الفترة.
الجامعات: إطلاق آلة “الحرب القانونية”
شهدت هذه الفترة تصعيداً مؤسسياً غير مسبوق في الصراع داخل الحرم الجامعي. في 29 أكتوبر 2025، أعلنت رابطة مكافحة التشهير (ADL) بالتعاون مع شركة المحاماة العالمية “جيبسون دان” عن إطلاق “شبكة عمل قانوني” منسقة على مستوى البلاد لتقديم مساعدة قانونية مجانية لـ “ضحايا معاداة السامية”.2 هذه الشبكة، التي تضم أكثر من 40 شركة محاماة وتستفيد من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لفرز القضايا، تمثل تحولاً من الدفاع إلى الهجوم المنظم.
هذه ليست مجرد مبادرة لتقديم المساعدة، بل هي بناء “سلاح” قانوني هائل يهدف إلى استخدام التقاضي كأداة لفرض الانضباط على الجامعات. الهدف المعلن هو متابعة القضايا التي لديها القدرة على “تحقيق العدالة”، بما في ذلك “معاداة السامية والكراهية في المؤسسات التعليمية” و”الإجراءات القانونية ضد المنظمات أو الأفراد المتطرفين المعادين للسامية”.2 هذه الخطوة، التي تبني على نجاح “الخط القانوني لمعاداة السامية في الحرم الجامعي” (CALL)، تضفي طابعاً مؤسسياً على استراتيجية “التطهير” 1، حيث يتم تحويل النقاش الأيديولوجي إلى معارك قانونية مكلفة تهدف إلى خلق “تأثير رادع” على إدارات الجامعات والناشطين الطلابيين. وفي الوقت نفسه، تستمر الاحتجاجات الطلابية، مثل المظاهرة المخطط لها في جامعة جورجتاون في 16 أكتوبر ضد زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، والتي نظمتها مجموعات مثل “طلاب من أجل العدالة في فلسطين” (SJP).16
الإعلام والثقافة: هدوء ما بعد العاصفة
بعد “حرب الرسائل المفتوحة” التي شهدتها هوليوود في الشهر الماضي، دخلت الساحة الثقافية فترة من الهدوء النسبي خلال فترة الرصد هذه. تركزت التغطية الإعلامية بشكل كبير على وقف إطلاق النار، وعودة الرهائن، والاحتفالات في إسرائيل وغزة. وقد برزت القصص الإنسانية للرهائن المفرج عنهم وتجاربهم في الأسر، بما في ذلك روايات عن التعذيب والضغوط النفسية ، مما ساهم في تعزيز “سردية البقاء والحصن” لدى الجمهور الأوسع. وفي المقابل، استمرت وسائل الإعلام التقدمية في تسليط الضوء على المعاناة الإنسانية في غزة، حتى بعد وقف إطلاق النار. هذا الهدوء في ساحة هوليوود قد يكون مؤقتاً، حيث من المرجح أن يعود الصراع الثقافي للظهور مع بدء النقاش حول “اليوم التالي” ومشاريع إعادة الإعمار.
6. التحليل الاستراتيجي وتقييم السيناريوهات
يجمع هذا القسم كل نقاط البيانات المذكورة أعلاه لتقييم مسار الفترة مقابل السيناريوهات المستقبلية المحتملة الثلاثة.
- التقييم: تدفع أحداث هذه الفترة المجتمع اليهودي الأمريكي بشكل حاسم نحو ترسيخ سيناريو “الانشقاق الكبير”.إن وقف إطلاق النار لم يخلق فرصة للمصالحة، بل على العكس، أدى إلى تصلب المواقف وتكريس كل معسكر جهوده لبناء مؤسساته الخاصة لخوض المرحلة التالية من الصراع.
- التبرير:
- الانشقاق المؤسسي والقانوني: إن إطلاق “شبكة العمل القانوني” من قبل ADL هو الخطوة الأكثر دلالة على “الانشقاق الكبير”. إنه يمثل بناء بنية تحتية مؤسسية موازية ومصممة لخوض “حرب المواقع” 1 بوسائل قانونية، مما يجعل الحوار والتسوية أكثر صعوبة.
- الانشقاق السياسي: استمرار AIPAC في الضغط من أجل تمويل عسكري ضخم بالتزامن مع تحول JVP إلى منظمة سياسية تهدف إلى قطع هذا التمويل 6، يؤكد وجود رؤيتين سياسيتين متعارضتين تماماً تعملان عبر آليتين منفصلتين.
- الانشقاق في السرديات: التفسيرات المتناقضة تماماً لوقف إطلاق النار – “نصر استراتيجي” (Commentary) مقابل “ترسيخ سلب الأراضي” (Jewish Currents) 5 – تظهر أن المعسكرين يعيشان في واقعين مختلفين، وأن أي أرضية مشتركة للفهم قد تلاشت.
- جدول: المؤشرات الرئيسية والمتجه الاستراتيجي
| المؤشر | تحرك معسكر الولاء | تحرك معسكر العدالة | المتجه الاستراتيجي |
|---|---|---|---|
| السياسي/التشريعي | AIPAC تضغط لتمرير حزمة مساعدات تاريخية في NDAA 4 | JVP تواصل حملاتها لوقف تسليح إسرائيل 6 | → الانشقاق |
| القانوني/المؤسسي | ADL تطلق شبكة قانونية وطنية لمقاضاة “معاداة السامية” 2 | JVP تكمل تحولها إلى منظمة سياسية (c)(4) 8 | → الانشقاق |
| الديني | الاتحاد الأرثوذكسي يؤطر الاتفاق كشكر إلهي ونصر 13 | T’ruah ترحب بالاتفاق كخطوة أولى نحو العدالة 12 | → الانشقاق |
| الخطابي | Commentary تعلن “النصر” وتهاجم “الخونة” 3 | Jewish Currents تفكك “النصر” وتكشف عن “سلب الأراضي” 5 | → الانشقاق |
- الخلاصة: إن فترة ما بعد وقف إطلاق النار لم تشهد أي محاولة لرأب الصدع. بدلاً من ذلك، استغل كل معسكر الهدوء لإعادة تسليح نفسه مؤسسياً وقانونياً وخطابياً، مما يجعل سيناريو “الانشقاق الكبير” هو المسار الأكثر وضوحاً وحتمية.
7. توصية للمرحلة القادمة من الرصد
- نقطة التركيز 1: تفعيل “آلة الحرب القانونية”. لقد تم الكشف عن السلاح الجديد لـ “معسكر الحصن”. السؤال الآن هو كيف ومتى سيتم استخدامه. التوصية: مراقبة الإعلانات الأولى عن القضايا التي ستتبناها “شبكة العمل القانوني” التابعة لـ ADL. إن طبيعة الأهداف الأولى (هل هي ضد طلاب، أساتذة، أم إدارات جامعات؟) ستكشف عن استراتيجيتهم العملية وتحدد ملامح المرحلة القادمة من الصراع في الحرم الجامعي.
نقطة التركيز 2: معركة “المؤتمر الصهيوني العالمي”. مشاركة شخصيات من “الوسط المنهار” مثل جيريمي بن عامي في هذا المؤتمر 11 تجعله ساحة مهمة لرصد موازين القوى داخل المؤسسة الصهيونية العالمية.
التوصية: تحليل نتائج وتصريحات المؤتمر. هل سيتمكن التيار الليبرالي من تحقيق أي مكاسب، أم سيتم تهميشه بالكامل؟ ستكون نتيجة هذا المؤتمر مؤشراً مهماً على مدى نجاح استراتيجية “التطهير والانكفاء” داخل الهياكل المؤسسية الرسمية.